كلما قرأت للمتنبي ، وابن الرومي ، والمعري ، تذكرت كلام رائد علم النفس فرويد ، حين قال : الشعراء هم أساتذتنا في معرفة النفس !
كلما قرأت للمتنبي ، وابن الرومي ، والمعري ، تذكرت كلام رائد علم النفس فرويد ، حين قال : الشعراء هم أساتذتنا في معرفة النفس !
إن الفنان بشكلٍ عام يمتاز بالمعرفة الذاتية ، ذلك أنه يتعلم مما في طيات ذاته ، مانتعلمه نحن عن طريق الآخرين ، وهو ماعناه فرويد بوصفه السابق للشعراء ، الشاعر الحق لايمكن أن يكون غبيا !
ومما يؤسف له ماحل بالشعر اليوم من تقهقر ، فلم يعد للهند طاغور ، ولا لباكستان إقبال ، ولا لروسيا بوشكين ، ولا لألمانيا غوته ، لقد حلّ السرد محل الشعر ، لقد عبثت فكرة الحداثة بتمايز الشعر كجنس أدبي ، حين عبثت بشكله ، الذي هو من مقومات الجنس الأدبي ، بل إن الحداثة عبثت بالشعر كموضوع ، والآداب لاتهز المتلقين بأسمائها ، وإنما بأثرها العملي ، وحين تكتب ماليس بشعر ، فإنه لن يؤثر كشعر حتى ولو أسميته بذلك ، لقد اقترب الشعر على يد الحداثيين إلى السرد شكلاً ، وإلى الفلسفة موضوعاً ، وبذا فقَد تمايزه الفني بتحوله الشكلي ، وفقد في النهاية حقيقة كونه فناً بتحول موضوعه !
الفنون لايمكن أن
تكون نخبوية ، ومتى ماأضحت كذلك فقدت معناها كفن ، إذ الفن هو ما تواصل مع
عامة الناس ، والروايات اليوم برغم كونها تحفل بتعقيدات فكرية وفنية
تستلزم نخبوية لقراءتها ، إلا أنها في الحد الأدنى نجحت في إحداث التواصل
مع القارئ العادي ، فهو يفهم منها الحد الذي يمنحه الاستمتاع ، على الأقل
دون الحاجة إلى أدوات نخبوية ، وهذا مالايملكه الشعر الحداثي مطلقاً ، ومن
هنا حدث الشرخ ، وقصر الشعر عن الوصول إلى الناس ، حين قصر عن هز وجدانهم ،
إنك اليوم لن تستطيع من خلال الشعر الحديث تحفيز جندي لخوض معركة ، ولا
تحريك عاطفة دينية ، أو قومية ، لقد تنازل الشعر عن حرارة الشعور لصالح
برودة الفكرة !
ويمكنك التأكد من ذلك حين تعلم أن إحصائية نشرت في الواشنطن بوست عن شعبية الفنون في أمريكا ، جاء فيها الشعر في المرتبة 12 متأخراً عن فنون أخرى كالرقص ، وغناء الجاز ، والتطريز !!
ويمكنك التأكد من ذلك حين تعلم أن إحصائية نشرت في الواشنطن بوست عن شعبية الفنون في أمريكا ، جاء فيها الشعر في المرتبة 12 متأخراً عن فنون أخرى كالرقص ، وغناء الجاز ، والتطريز !!

0 التعليقات